شَهِدت الأسابيع القليلة الماضية تطبيق معظم دول العالم أشكالاً مختلفةً من الإغلاق، لتظهر عباراتٌ مثل “العزل الصّحي” و “الحظر الاجتماعي” وتصبح جزءًا من مفرداتنا الجديدة. لقد هزّ فيروس الكورونا (COVID-19) العالم وقلب حياتنا رأساً على عقب. بات التّفكير والخوف من الحالة التّي يمرّ بها العالم روتيناً يومياً، وأصبحت مشاعر الاضطراب و القلق المستمر جزءاً لا يتجزأ من مشاعر أغلب النّاس على هذه المعمورة. من الطّبيعي بل ومن المقبول أيضًا أن نتعثَّر أو أن نشعر بالعجز عن التّقدُّم بسبب الخوف من المصير المجهول – لقد أختلّ توازن العالم وانهدم استقرار حياتنا بطريقةٍ لم نعهدها من قبل واندمجت معاناتنا الفرديّة معًا لتصبح معاناةً جماعيّة للكل نصيب منها. إنّ ما يحدثُ حولنا الآن بعيدٌ كل البعد عن كل ما هو مألوف أو طبيعي.
لكن هنا يكمن لبّ الموضوع: تتوارى مساحات لإمكانيّاتٍ إيجابيّة لا مثيل لها لتظهر في أوقات الأزمات العصيبة لتنير لنا عتمة هذا الظّلام الذي حجب عنا الرؤية. مارجريت درابل تُلخّص الأمر بشكلٍ جميل:
“عندما لا يكون أيُّ شيٍء أكيدًا، يكونُ كلُّ شيٍء ممكنٍا.”
محتوى المقالة:
- آن الأوان لإعادة النّظر والتّقييم.
- إعادة الاتصال بالضروريات.
- فرحة التّواجد مع العائلة.
- يتألّق الجانب البشري من خلاله.
- الوجه الآخر للخوف هو الحبّ.
- احصل على دعمٍ عطوفٍ متفهّمٍ لمعاناتك.
احتضان عالٍم جديد
المراحل التي مررنا بها واعتبرناها نقطة تحوّلٍ حاسمةٍ وصعبةٍ في حياتنا، هي ذاتها التي ستُظهِر لنا القدرات الإيجابيّة – ونحن فقط من يملك القدرة على احتضان هذه القدرات وتحقيق الاستفادة القصوى منها:
آن الأوان لإعادة النّظر والتّقييم.
لقد منحنا الكون فرصةً للضّغط على زرّ الإيقاف المؤقت، بعد أن اعتدنا على التقدم إلى الأمام بأقصى سرعةٍ ممكنة. كما وأعطانا وقتًا مستقطعًا لنتنفس الصّعداء ونتأمّل قليلاً. يساعدك التأمل على ترتيب الفوضى وتنظيم أفكارك. ليصبح فرصة حقيقيّة لتكتشف خبايا نفسك، وترسم صورة لقيمك التي تدفعك للأمام. إذا لم تكن تعرف من أين تبدأ، فإليك بعض الخطوات التي يمكنك اتّباعها لممارسة التأمل. كانت هذه الأزمة بمثابة رسالة تنوّه بأننا نحتاج إلى التراجع تدريجياً عن حياتنا المزدحمة وإعادة ترتيب أولوياتنا.
قد يشعر البعض منّا بالتعثّر أثناء محاولات التأقلم مع هذا الوباء. إذا كنت تجد صعوبةً في ترتيب أفكارك، فتيقّن أنك لا تحتاج للمحاربة وحيداً. يمكن لمعالجينا المتخصّصين أن يقدّموا لك الدعم والتوجيه لنصل بك إلى برّ الأمان خلال هذه الأوقات العصيبة.
إعادة الاتصال بالضروريات.
ما الأشياء التي تعتزّ بها؟
خلال فترات الأزمات، نميل إلى إعادة ترتيب أولوياتنا واضعين الأشياء التي نعتزّ بها في المقدمة. تقليل جداولنا اليومية بعض الشيء، بالإضافة إلى الإطاحة بعيداً بالأشياء التي تشتت انتباهنا وترهق أذهاننا، هي أمور تمكّننا من استغلال الوقت الحالي – واختبار ما يعنيه حقًا أن نكون بشرًا.
قد تجني ثمار ذلك التأمل في صورة هوايات مختلفة، مثل الطّهي أو الفن، أو من خلال لمس جمال الطّبيعة. كشفت دراسة قادها ماثيو وايت من المركز الأوروبي للبيئة وصحّة الإنسان في جامعة إكستر, أن الأشخاص الذين يقضون ساعتين في الأسبوع في المساحات الخضراء من المرجح أن يتمتعوا بالصحة والسلام النفسي أفضل بكثير من غيرهم.
إعادة التواصل تمدّنا بما نحتاجه لننعم بالحياة، مما يقلّل بدوره من الإجهاد النفسي ويعزّز الشّفاء. عليك باستغلال هذا الوقت في ممارسة هواياتك. اقرأ الكتب، واستمتع بالمناظر الخضراء، أطلق العنان لمواهبك الفنية، وأعد اكتشاف متع الحياة البسيطة.
فرحة التّواجد مع العائلة.
“أتمنى لو كان بالإمكان قضاء المزيد من الوقت سوياً.”
كم من المرات التي رددنا بها هذه العبارة، عندما كانت حياتنا تسير على قدمٍ وساقٍ وجداولنا مزدحمة للغاية؟ قبل تفشّي وباء فيروس كورونا، فقد العديد منا لحظاتاً ثمينةً مع أحبائنا – وللأسف ومهما فعلنا لا يمكننا استعادتها. حيث كان الآباء في جميع أنحاء العالم يقضون وقتًا قليلاً مع أطفالهم، وفي أحد الاستطلاعات الأخيرة التي أجرتها سنتربوينت في الإمارات العربية المتحدة، قال 46 ٪ من 5،043 من سكان الإمارات الذين شاركوا بالاستطلاع أنهم يقضون أقل من ساعة واحدة فقط يوميا مع أسرتهم.
لم يفت الأوان بعد، الآن مع توقف الأنشطة الأخرى، لقد تمّ منحُك فرصةً مجانيةً للتقرّب من أحبائك من جديد, ولقضاء وقتٍ ممتع مع بعضكم البعض في حين لم تكن هذه الفرصة متاحةً من قبل. قضاء المزيد من الوقت معًا، سوف يبنى العديد من الذكريات الجديدة بالتأكيد، وستعرفون أكثر عن بعضكم البعض ممّا سيعزّز ويقوّي الارتباط والحميميّة بينكم. معرفة كل هذا يمكنّك بأن تنعم براحة البال، وسيصبح لدينا المزيد من الفرص للتواصل مع الآخرين بشكل أكثر عمقاً.
يتألّق الجانب البشري من خلاله.
لقد رأينا جميعاً مقاطع الفيديو تلك التي يرقص بها الأطباء في إيران جاهدين لرفع معنويات المرضى، أو تجمُّع الجيران في شرفاتهم في إيطاليا صانعين موسيقى تذيب القلوب. نشاهد إناساً يمدّون يد العون لبعضهم البعض. نرى أشخاصًا يقيمون حملات لجمع التّبرعات لجيرانهم ومتطوّعين يرسلون طلبيّات يومية من السلع الأساسيّة إلى الفئات الأكثر حاجةٍ والمعرّضة للخطر. من خلال كل هذا، نجد الجانب البشري يتألق حقاً وقت الأزمات.
مجتمعاتٌ بأكملها يجمع بينها التعاطف والرّحمة, لتنشأ بين بعضهم البعض لحظاتٌ تدفئ القلب. توضح لنا جائحة وباء فيروس الكورونا (COVID-19) أنه في أوقات الأزمات، تسود المشاعر الإنسانية وتطغى.
الوجه الآخر للخوف هو الحبّ.
الحبّ لغة عالميّة – البشرُ كالأشجار التي تغرس جذورها بعمقٍ في أرض الحب الخصباء، فيصبح الحبّ جزءًا من طبيعتنا. من المهمّ أن نتذكّر أنه على الرغم من وجود مشاعر القلق والخوف في الوقت الحالي، إلا أن الجانب الآخر من ذلك هي مشاعر الحب. هناك الكثير من الإمكانات الموجودة حولنا والتي يمكن أن تساعدنا أن نقدّم رعايةً أفضل بدءًا من الآن، سواء كانت لأنفسنا أو لعائلاتنا ومجتمعنا.
احصل على دعمٍ عطوفٍ متفهّمٍ لمعاناتك.
إذا كنت تشعر أنك عالقٌ أو أنك محاصرٌ بالخوف والقلق من حولك، فاعلم أنك لست ملزمًا على النّضال وحيداً. المعالجون المتخصّصون في أيادي موجودون هنا للاستماع لك بقلبٍ متفهّمٍ وسريةٍ كاملةٍ, وتقديم كل ما قد تحتاجه من دعم للعبور بك إلى بر الأمان خلال الأوقات العصيبة.
قم الآن بتنزيل تطبيق أيادي للتّحدّث مع المعالج الذي تختاره.